دائرتنا / سناء البنّا

سناء البنّا

كاتبة وشاعرة لبنانية

سيرة المؤلف

سناء البنَا، كاتبة وشاعرة لبنانية، ترعرعت في المتن الأعلى، جبل لبنان في قرية ريفية حافظت على المفهوم القروي بجماليته الإنسانية والبيئية. تُعتبر من إحدى النساء اللواتي يكافحن من أجل ترك بصمة نسائية عربية مميزة، وتصل بذلك إلى أعلى المستويات وترفع إسم بلادها فوق السحاب. الصوفية الفلسفية ترقص على أنغام أبيات قصائدها، هي التي تجيب عن الأسئلة التي في ذهنها حول العدم والوجود، الحياة والموت. يحمل شِعرها أسمى المعاني، وأرقى الكلمات، تتأرجح قصائدها ما بين الصوفية والفلسفة، من رقيّها شعرًا يختزل بكلماتها... تنشر في كل أرجائه عبق إحساسها العالي بالوجود واللاوعي الحقيقي. لم يكن توجّه البنا مقصودًا نحو الصوفية بل كان انحيازًا عفويًا، هو بالتالي أسلوب في التعبير عن الذات، نتاج تراكم قراءات وثقافات ومدارك مكتسبة وروحانية متكدّسة في اللاوعي. فالشاعر لا يمكن أن يصنع قصيدته، بل يبدعها حين تفرض نفسها عليه، وتلحّ لتشكّل أسلوبها كما ترى البنا. فهي شخصيًا تترك نفسها بحرّيةً لمشاعرها التي تنسكب بإسقاط اللاواعي. في السياق الشخصي، تجربة البنا مع الحياة لها دور في توجهاتها الشعرية، باعتبارها أن الشاعر إبن الحياة ومخاضها منبثق عن بيئته وثقافتها، لا يمكن أن ينفصل مهما ابتعد. يبقى هو ذلك المزيج من التربية الوجودية، التي تحيط به لتشكّل أفكاره وتقولبه مدعوماً بالمعرفة المكتسبة والقراءات. كانت حياتها بين الأديرة وأسرة «مسلمة» متديّنة، عايشت الأسئلة الكبرى وقرأت الإنجيل والقرآن، وصلّت في الكنيسة والخلوة والمسجد. الشِّعر في داخلها لا يتوقف، تتنفسه مع الحياة لتستمرّ، هو نبع حياة وسط الجحيم، وهي دائمًا وأبدًا على موعد مع كل بوح جميل لتشعر بنكهة الآخر وسط غياب منتظر. ستقلّب دومًا في أوجه العابدين لتصطاد قصيدة هواء تمدّها بالقدرة على البقاء حيث تتوق نفسها أن تكون... هناك عند أدراج الكلمة ستبقى تنتظر القصيدة.

رسالة من المؤلف

لا بدّ من مساحات تأمّلية تتناسب مع طبيعة الحياة، ولو كانت شطحات خيالية فلسفية وفكرية بثوب شعري جميل، من خلال لغة رصينة وعميقة تسقط رتابة الفلسفة، في حركة موسيقية وإيقاع داخلي، فالشعر يكون إضافة تنمّق الفلسفة وتضفي بعض الليونة على ما يعتريها من جفاف لتكون مستساغة لدى المتلقّي. مفهومي للثقافة؟ أفهم الثقافة على طريقة مختلفة. خارج كل أطر المجموعات الورقية والبشرية المزخرفة والسرد الأبجدي المنمق للألف باء الواسعة الشاسعة والكتب المحللة والمحرمة. خارج لعبة سيبويه والفراهيدي وقواعد الشعر والنثر والأدب الرفيع في قواميس البلاغة. مكتبتي رثت أوراقها وفاح من دفاتها رائحة عطرة لأسرار وأخبار عايشتها في حناياها بصمت ووعي وإدراك لكنهة الجمال. لم يعلق في ذاكرتي إسم ولا عقيدة... لا شيء غير رحيق الزبد ركنته لأبني الهرم على قاعدة الفراغ ومستلزماته الحرة... ليس يسيرا كسر الفراغ لبناء جدران الذات المحلقة في عوالمها وعواطفها ولغتها المجنحة نحو إنسانها وأنسانيتها... أركن الى توحدي وأستغل جنوحي نحو مفردة وتغريدة أعيش صدقها لا تمثيل ولا تنكيل ولا مزاجية ملوثة. ثقافتي مسلك لغوي أنيق رغم العري لا خفايا ولا خبايا مثيرة لغير دهشة المعنى. الثقافة دين صحيح مهما تعددت مناهله وتشعبت مرامية ومساربه.