الكتب الإلكترونية / شعر / أحبك فوق الكلمات

كم قرأنا في كتب الفلسفة عن عالم المثل والروح المجردة الذي ستعود إليه النفوس البشرية وتتحرر من قيود المادة ومحدوديتها. عالم القيم العليا والجمال المطلق والصفاء التام؟ لكن هل قرأنا عن تجسد ذلك العالم الروحي بصفائه وروعته في امرأة؟ هل قرأنا أن تلك الأنثى تختزن في كينونتها جمال عالم المثل الموعود؟ ...هي عروسة الحلم الذي يقيم في نقطة صغيرة من زاوية قلب شاعر، لكنه مرآة ضياء تتسع للسماء والأفاق، وتسبر أغوار ما كان وما سيكون... هي الأم والحبيبة والرفيقة والتلميذة والمعلمة. هي العطف والرقة والرحمة والوفاء. وهي لمسة الربيع للبراري، وبلسم الجراح، وآلهة العشق والفرح والجمال... هي الوطن والأرض، وهي جناح الدفء، وجبين الكرامة... إنها الحرة الثائرة المناضلة، رفيقة المجاهدين، وحبيبة البائسين، جبينها حرمون وردائها حقول القمح والعنب والزيتون... لماذا نسلّم بأن عالم المثل المجرد عن الأجساد واقعاً وليس حلماً؟ أليس انبعاث عالم المثل في عالم الأجساد هو حلم أيضاً؟ إن أفكار الواقع تدور ضمن زوايا الحاضر، أما الحلم فيقفز إلى الأمام إلى عالم جديد. أليست وثبات التحولات الحضارية الكبرى هي نتاج مجموعة أحلام؟ الشاعر المسكون بالمثل يتوق إليها، يحلم بعالم جديد، فينسج من أبياته حياة ودنيا تتسامى على وقع أقدام الناس العاشقين السائرين على دروب النور من الأرض إلى السماء... في الكتاب قصائد حب تنبعث من نفس عاشق لقضية حياة سامية ضمن كينونة حبيبة رائعة، هي الحب الأسمى، والرفيقة الدائمة التي يلجأ إليها في كل اللحظات، تسمعه وتراه، فهي مرآة القلب. وقرينة الروح، لا تحجبها جدران، ولا تباعدها مسافات... عاشقة معشوقة، تتنفس به ويتنفس بها... في قصائده امرأة اجتمعت فيها دنياه وأشواقه، وتوقه للوطن والأرض والنضال والحرية... يده بيدها في رحلة الانعتاق من سراديب الأنماط والقيود والحواجز إلى اللامتناهي... ذلك الحب لا تحيط به الكلمات... الكلمات ليست سوى أجنحة تحوم كالفراشات لتلامس جمال الحبيبة التي تبقى دائماً فوق كل الأوصاف والعبارات... في كتاب الأستاذ ربيع دهام «أحبك فوق الكلمات» امرأة، أجهل اسمها، لكني أعرف روعتها، وأرجو أن يجعل الشعراء منها بداية ربيع للحب والشعر والنساء... في هذا الكتاب لا يوجد قصائد غزلية تعودنا عليها، بل قصائد حب...