eBooks / Novel / بعدما رحلوا

كان الليل قد أسدل ستاره ونثر نجومه محتضنًا قمره في صدر السماء، دقت الساعة الثانية عشرة معلنةً عن نفسها في ليلةٍ خريفية بغرة نوفمبر، ترتلت بهفيف نسيمها في هدوء الحي، وتنثر رائحة الزهور فوق البنايات حتى وصل إلى تراسها نصيب منها، حيث كانت تنتظره بعد أن استبد بها القلق، مضى أكثر من ساعة منذ أن أخبرها أنه بطريق العودة إلى المنزل لكنه تأخر على غير العادة، وما زاد الأمر سوءًا عليها أن هاتفه قد أُغلق بعد محادثتهما الأخيرة، فجأة لاح ضوءٌ متذبذبٌ من باطن ظلام الطريق، زفرت بارتياحٍ بعد أن اهتدت لسيارته التي قطع صرير محركها أعتاب السكون، ولج المنزل منهكًا بعد عناء يومٍ شاق بالعمل، فبالنهار عادة يكون منشغلًا بتصوير حلقات تليفزيونية عن تاريخ الأكلات المصرية الأصيلة، ثم بعد ذلك يتوجه إلى مطعمه، وعلى الرغم من كونه مالك المطعم لكنه لا يلبث بمكتبه قط، يظل طوال الوقت يجوب في أرجاء المكان ليشرف بنفسه على كل كبيرة وصغيرة.