Publisher:
Self-PublisherDate Published:
21/03/2021Pages:
63Language:
ArabicFiction Novel :
في الرعب المتصاعد من هذه الرواية، المفاجئة بجدتها وقوتها، تتمثل تجربة الفلسطيني مع مئة سنة من الهمجية الصهيونية، حيث يقابل الخير الشر على نحو يقارب الأسطوري محتوى وتركيباً. مع القرية وأطفالها وحجارتها نحن في جو من الشعر والطيبة والحب، فاذا دخلنا الكيبوتز المواجهة لها، اختنق الجو برائحة الكراهية والقتل والدم. هناك صراع مستمر بين براءة الطفل وجماله وسطوته السحرية، التي يجسدها جميعاً عارف الصغير، هذا العفريت البديع والملاك المنقذ، وبين القسوة والقبح والشناعة النفسية والبدنية، التي يجسدها الحاخام والصهيوني حاييم، وهو يخطط للمزيد من القبح والقسوة. أنور الخطيب روائي مهم، يقحمنا ببراعته في عالم حاييم ومريديه الذين يقيمون طقوسهم على اللحم البشري، وتفوح منهم رائحة الأضاحي والقرابين المذبوحة، حيث يجب أن يكون الدم آدمياً، عربياً. ومن بين هذه القرابين الطفلة، تلميذة المدرسة لينا النابلسي التي ينهش جسدها الطري، ولكنه ينمو في تراب القرية وروداً كبيرة، تزهر كل صباح بورود أخرى يتضاعف عطرها. وفي الوقت نفسه، يأخذنا المؤلف بفتنة عارف الصغير، هذا الطفل العجائبي الذي ابتدعه روحاً للقرية لا تطاله يد، ولا تنضب حكاياته، ويعرف السر في توالد الحياة من ديمومة الصخر حتى يسقط أخيراً سور الكيبوتز إزاء حجارة القرية وزجاجاتها الحارقة. رائحة النار هي الرواية الثالثة التي يكتبها أنور الخطيب بمزيج من الغضب الحارق والحب العميق، بأسلوب غرائبي لا أجد له مثيلاً في كل ما قرأت من روايات عربية حتى اليوم. كتابته مكتظة بالشفقة والسخط، يستخلص بها من الأحداث اليومية رموزاً عنيفة الوقع، بعضها للدهشة والطيبة، وبعضها للاستفزاز والزعزعة، مؤكداً في كل الأحوال على مخيلة تغني الحياة بشخوصها، وتزيد من صلابة الارادة في النفاذ الى المستقبل، حيث الأرض الفلسطينية تنبت أطفالاً لا يخافون الموت، يظهرون كالرعد ويختفون كالبرق.
Average from 0 Reviews